
"هذا المقال حاصل علي شهادة التقدير من
رئيس قسم الفلسفة بكلية آداب جامعة القاهرة"
إن
لم أكن مواطناً مصرياً لكنت وجدت صعوبة يمكن ان تصل الى القصوى فى التعبير عن موقف
ادهشنى فى الحياه . فمصر مليئه بكل ما يدهش العقل ويحرك الافواه .
كم أدهشنا فى حياتنا من ظلم وفقر وديكتاتورية
؟ . ولكن ما أدهشنى حقاً هى الأفكار البالية فى عقولنا المتحرجة . منها ما ورثناها
ومنها ما ابتدعناها .
كم إندهشت
من عادات تملأ مجتمعنا ولكنها لا تعبر عنا ؟ . كم اندهشت من افواه تتكلم وعقول
تفكر بأفكار متناقضة فاسدة جار عليها
الزمن ؟ .
فى كل مكان فى بلدى أنظر إليه أرى أشياءاً
تدهشنى . فعندما انظر فى بيتى أرى أباً يتحكم فى أبناءه بمنتهى الدكتاتوريه . رأيه
الصواب حتى لو جار على رأيه الزمان. قوله لا يجب أن يخالف حتى ولو كان خاطئاً .
عقله هو أنبغ العقول وانضجها حتى ولو كان لا يجارى هذا الزمان . ابنائه من صنعه يجب
ان يسيروا على خطاه حتى لو كان مخطئاً ، شريكة
الحياه يجب أن يرضى عليها الاب قبل الابن نفسه . لا وجود للاعتماد على النفس ولا
وجود للحريه .
واذا نظرت الى مجتمى أرى حكاماً يتحكمون فى
البشر . أرى شعوباً تغتصب حرياتها . أرى عبيداً تلسم الاقدام . أرى فقراء ، ضعفاء
، واغنياء متحكمون فاسدون . أرى من باع ارضه من اجل المال . ومن باع دمه من اجل
الوطن . ارى من استغل الدين ليغيب العقل ويستر الفساد .
واذا تركت هذا كله ونظرت الى ثقافتى أراها
ثقافة هشة ترى التحرش بسبب الفتيات وليس بسبب النفس الضعيفة للشباب . ترى الحب
مباحاً للرجال وحراماً للنساء ؛ بحجه اننا مجتمع شرقى . ترى الخيانة مباحة للزوج
اما الزوجة فانها كعود الكبريت لا يباح ان
تمس .
ترى المرأه عوره وترى الرجل حراً . ترى تعليم الجنس حرام . ترى الملحد لا
حق له فى الحياة . وترى المجرم من الحق أن يموت بدون ان يحاكم بالعدل . ترى أن
الحاكم أباً لنا لا يمكن محاسبتة او الاعتراض عليه او تغييره .
وعندما أنظر الى شيوخنا الأبرار اجد من يكفر
ذاك ويبيح قتل ذاك . اجد من يقول أن الديمقراطيه حرام وان المتظاهرين كفار، ويحلل
فيهم القتل . اجد من يستخدم الدين للوصول الى السلطه . أجد من يسير على أجساد
الشهداء للوصول الى الكرسى . واجد قليل ممن اتبع ديننا الصحيح وسنه نبينا الكريم .
وما يدهشنى حقا هو ثقتنا فى انفسنا مع ذلك
العوار . واقتناعنا بأننا اذكى شعوب الارض
وانبلهم . والغريب انك تجد مع كل هذا اناس متفتحين ومستنيرين ، وكلما بدأت فى اليأس
تجد الحلم بين يدك وحين تقترب منه يبدو كالسراب .
فما اكثر ما يدهشنى فيكى يا بلادى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق